الثلاثاء، 12 يونيو 2012

لو كنا ذباباً……….لأزعجنا الصهاينة!


 
791ima
 
 
يطيب لي أن أكتب عن هذا الموضوع الهام للغاية، كتابةً شاب عربي شاهدٌ علي حالة الإنهيار والضعف والخذلان العربي والإسلاميٍ، أكتب والنازية الفاشية الإسرائيلية تقتل وتدمر مدينة غزة خصوصاً وفلسطين السليبة عموماً، أكتب والغاز المصري يصل إلي اسرائيل يومياً تنفيذاً لاتفاقية كامبد ديفيد الموقعة مع تل ابيب والقاضية بتصدير 1.7 مليون متر من الغاز المصري سنويا، وفق أسعار تفضيلية ثابتة لا تخضع لآليات السوق وتحريكات الأسعار ولمدة 20 عام كاملة!

أكتب والعالم العربي والإسلامي غارق في أوحال من المشاكل والأزمات، من خلافات مذهبية وعرقية وإثنية ودينية، مروراً بخلافات سياسية واقتصادية إلي استعمار جاثم علي صدورنا ليل نهار، يرانا ويتحكم فينا، وانتهاءً بحكام وأنظمة لا مشاريع لديها ولا خبرة ولا نفاذ ولا انتماء ولا رؤية في الحكم أو السلطة.

أكتب و دولنا العربية والإسلامية تمارس حصاراً مضاعفاً علي غزة وأهالي غزة، فتقوم هي بنفسها بمنع التحويلات الإغاثية وغلق الحدود والمعابر بحجة الاتفاقات الدولية والقوائم الإرهابية الأمريكية!! وكأن المجازر اليهودية في الداخل هي غاية الالتزام، وكأن الذين يموتون هناك من جراء هذا الحصار مخلوقات قادمة من المريخ لا تمت لنا ولا للبشرية بصلة!!.

أكتب والمعاناه وحرب الإبادة الجماعية تطول نحو مليون ونصف مسلم فلسطيني في غزة، والحصار الخانق مفروض منذ يونيو 2007 حين حررت حركة المقاومة الإسلامية حماس القطاع من الخونة والعملاء ففروا كالفئران، وفي اليوم المشؤم الموافق 17-1-2008  فرضت إسرائيل إغلاقا تاما على غزة فحرمت أهالي القطاع من احتياجاتهم الأساسية.
 
أكتب وأطلب من قارئي الكريم أن يصبر معي فسأتحدث هذه المرة بلغة الأرقام وهي من اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار ومن وزارة الصحة الفلسطينية….علها تفصح عن أشياء لم تكن بالحسبان…..علها تفيق النيام!!

أكتب وفي دول الخليج أو بالأحري بلاد الجزيرة العربية، يعيش أغني أغنياء العالم وفق ما كتبته مجلة فوربس الامريكية من أمراء ومشايخ ورجال إفساد –عفواً- أعمال، وأموال المسلمين المنهوبة تُودع في بنوك الغرب وبلاد العم سام لتصل بكل سلاسة إلي الصهاينة الملاعيين، لتُستثمر أموالنا في بناء البلاد الغربية- ثم تحاول بعض الأنظمة المتدثرة بلباس الشرع وتطبيق الشريعة تجميع بعض الجنيهات والريالات من البسطاء المسلمين لمساعدة أهلينا في فلسطين وليتها تصل أصلا وهي في عطائها هذا لا تُعطي عشر ما تعطيه لتل أبيب-  بينما معدل الفقر في قطاع غزة الآن يصل إلى 80% ، ومعدل البطالة إلي 85% .
 
أكتب والحقيقة أقسي وأصعب، فهل يعلم قرائي الأعزاء أن 90% من كمية الوقود في غزة غير متوفرة، والكهرباء توقفت، وبالتالي أصبحت المشكلة مركبة عندما يتم قطع الكهرباء لا تجد المولدات الوقود اللازم لها وهذا أثر بشكل خطير على الحياة اليومية.
هذا فضلا عن الكارثة البيئية التي نتجت عن توقف كل محطات المعالجة في غزة والجنوب التي تعالج مياه المجاري والتي تضخ كل يوم أربعين مليون لتر من مياه المجاري الخام، دون أي معالجة إلى البحر مباشرة، وسبب هذا كارثة إنسانية وييئية تؤثر على الثروة السمكية وعلى شواطئ البحار وعلى البحر نفسه، مما سيكون له آثار مستقبلية خطيرة وخطيرة جدا، بخلاف ما يزيد علي 3000 عامل صيد بلا عمل، حتى الهواتف توقفت بشكل كامل، حتي آبار المياه توقفت، و أكثر من 30% من المتاجر أغلقت أبوابها، و100% من مصانع النسيج أغلقت أبوابها، منازل هُدمت على رؤوس أصحابها، عائلات بكاملها أبيدت. أوضاع لا يمكن أن توصف أو تصدق، هذا بخلاف القتلي والجرحي والمصابين إصابات خطيرة أو قليلة.

هل تعلمون يا سادة أن حركة العمال توقفت تماما بسبب منع إدخال أي مواد خام أو أي مواد تساعد العمال على أن يعملوا في مصانعهم، فأكثر من 33 ألف عامل في الشوارع!!!! ألم نفكر كيف يعيشون؟  مع من يعولون؟  كيف ينفقون؟ ومن أين يأكلون ويشربون؟ مايزيد علي  3900 مصنع أُُغلق، وتعطلت بسبب هذا الإغلاق، مشاريع البنية التحيتة ومشاريع الإنشاءات، وتعطل جراء ذلك أكثر من 50 ألف عامل عن العمل، ، و96% من المصانع تم إغلاقها، أما المشاريع الزراعية فتوقفت وتضررت بشكل خطير، وتعطل أكثر من ثلاثين ألف عامل في الزراعة، وبلغ إجمالي العمال الذين تعطلوا عن العمل هذه الفترة حوالي 140 ألف عامل، هذا بخصوص الإقتصاد بإيجاز شديد مخل.
 
أما عن الصحة فهناك ما يزيد علي ال1562 مريض بحاجة إلي علاج خارج القطاع، وعدد الذين استقبلتهم مصر في العريش مُخزي وغير مُرضي إطلاقا، وأكثر من 130 صنف من الدواء نفذت من القطاع،  مشاريع المباني والمستشفيات والعيادات والمقدرة بأكثر من 10 مليون دولار توقفت بسبب عدم دخول الإسمنت وكل المواد اللازمة له، 56% من سكان غزة هم من الأطفال هؤلاء ضمن دراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية واليونيسف يعانون من نقص في الحديد ومن فيتامين A ، فيتامين من اليود، وتتحدث دراسة أخري عن أن 64% من هؤلاء الأطفال مصابين بمرض فقر الدم، 30% من أطفال غزة يعانون من أمراض نفسية مختلفة نتيجة القصف الإسرائيلي، أصبحت لغة الأطفال اليوم فيما بينهم سواء في التعبير أو في اللعب أو في حتى الرسومات أو في الواجبات كله صورة طائرة، صورة قصف، صورة شهيد، صورة مصاب، كل هذا له انعكاسات خطيرة على نمو الأطفال عقلياً وجسدياً.

هناك بضائع لرجال أعمال فلسطينيين تقدر بحوالي 150 مليون دولار تم استيرادها بشكل رسمي وبشكل قانوني وحسب النظام التجاري الدولي، وتم دفع ثمن هذه البضائع ودفع أيضا الجمارك المطلوبة منها وتم احتجازها في الموانئ الإسرائيلية منذ 8 أشهر وحتى الآن ولم يسمحوا بإدخلها إلى قطاع غزة بل ويطالبون رجال الأعمال بدفع غرامة تأخير على عدم تمكنهم من إحضارها إلى غزة أي ظلم هذا!!
 
وانظر أخي القاريء معي إلي هذا الوطن العربي الإسلامي حيث يبلغ مستوى معدل دخل الفرد السنوي للمواطن الفلسطيني في غزة 650 دولار فقط ، بينما يبلغ متوسط  دخل الفرد الاماراتي 20.000 دولار سنويا!! ومتوسط دخل الفرد في الكويت 17.000 دولار سنويا!!! ألم نسمع ما  قاله الإمام علي بن أبي طالب ما جاع فقير إلا بما مُتع به غني، وربما يقول لي أحدهم: وما دخل هذا بذاك، وأجيبه علي الفور، عندما تم إحتلال المحمية الأمريكية المسماه بالكويت بدأت الكتابات والخطب والمقالات والفتاوي حول التعاون العربي الإسلامي وضرورة نصرة الإخوة هناك من الإحتلال العراقي الغاشم ونصرة المظلومين الكويتيين….الخ واستقبل النظام السعودي بعض الفارين من بلادهم وعلي رأسهم أميرهم!!، وعلي الفور أُقيمت لهم فيلات في المنطقة الشرقية لا تزال خاوية إلي الآن علي عروشها…..، وسعي الجميع إلي دفع البلايين والمليارات للشيطان الأكبر لتحرير سكان وأرض الكويت،- لا حظ أخي القاريء أن عدد سكان غزة أكبر من عدد سكان الكويت!-  إنها إذاً لعبة المستعمر، بينما يُذبح الفلسطينيون علناً والأمر لا يعني أحد.
 
هناك استهداف للعملية التعليمية في قطاع غزة، فالعديد من المدارس الآن لا يوجد بها كتب مدرسية، والجامعات الفلسطينية تتعرض لخطر شديد بسبب عدم تمكن طلاب الجامعات من دفع الرسوم الجامعية لها، وتوقفت كل أعمال المباني والمنشآت والتطوير في الجامعات الفلسطينية بشكل عام وكذلك التجهيزات وكل ما يتعلق بهذه الجامعات من تطور هو مجمد حتي الآن.
 
إنني أحد المقتنعين بأن ما يحدث علي أرض فلسطين المحتلة هو لُب الصراع، وجوهر الخلاف بين مشروعين في المنطقة العربية الإسلامية: المشروع الإستعماري الغربي المتصيهن والذي تدعمه الأنظمة العربية علي استحياء تارة وبفجاجة تارة أخري، - ولنذكر الإستقبال الرسمي الخليجي الحافل للمجرم الجزار بوش وساركوزي ورقصته الشهيرة مع حكام البحرين والسعودية والكويت، ولعبه بالصقور مع آل نهيان في الإمارات!! يا سبحان الله هكذا يصير الدم ماءً،- والمشروع الحضاري الإسلامي المقاوم والممانع، والذي تدعمه الحركات الإسلامية سواء كانت شيعية في لبنان أو إيران أو سنية في فلسطين والعراق والصومال وأفغانستان، وهنا مربط الفرس.
 
 
في مثل هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها الأمة الإسلامية لا يسعني إلا أن أتذكر المشروع الإصلاحي النهضوي، للثائر الإسلامي جمال الدين الأفغاني مزلزل الشرق بأكمله، الذي شاهد أحوال المسلمين وهي شبيهة بأحوالهم اليوم من ضعف الهمم، والجبن والخوف، والرضي بالدونية والإنحطاط، قال مخاطبا المسلمين في الهند عندما كان الإستعمار الإنجليزي جاثما علي صدورهم هناك مقولته الشهيرة لو كنتم ذباباً….لأزعجتم انجلترا.
 
كان الأفغاني رحمه الله فكراً تجسد فعلاً، ولعل الرئيس الجزائري أحمد بن بللا قد أصاب عندما وصفه بحقنة من الكظرين (الأدرينالين) التي أنعشت جسد الإسلام. 
ترى كم حقنة من الأدرينالين نحتاجها اليوم؟.
 
 
إننا في مسيس الحاجة الى فعل الكثير، آآآآه لو كنت طبيبا…….لو كنت إعلاميا …..لو كنت سياسيا….لو كنت رجل أعمال……لو كنت…..لو كنت…..لكنني عبد من عباد الله لا أملك سوي نفسي وقلمي……..لا أملك سوي الدعاء والتبتل…….لا أملك سوي أن أدعو…..وأن أكتب….أذكر حينما شاهدت عدداً من صور الدمار والقتل لم تتمالك عيني دموعها، وفطر الدمع منها، وقلت في نفسي: أين هذه الشعوب العربية الإسلامية؟ أين هي؟ أهي حية أم ميته؟ أهي حبيسة أم مرتهنة؟ أهي لا هية أم واعية؟ كيف أفسر احتشاد الملايين في مصر والعالم العربي يوم مباراة كأس الأمم الإفريقية حول نصر مزعوم!!! وخروج عدد منهم أفراداً وجماعات للتشجيع والصراخ والتأييد، وعلي ماذا علي كرة ؟!!! بينما لا يحتشد نصفهم أو ربعهم أمام نقابة المحامين أو علي سلالم الصحفيين!!! أين الشعوب الساهية المخدوعة؟ المخدرة النائمة! علي قنوات روتانا والإم بي سي والإيه آر تي صاحبة التمويل الخليجي..!! يشاهدون العري والخلاعة باستمتاع ولذة….
 
 
كأن الشاعر الشاهد علي غروب الأندلس أبي البقاء الرندي يعيش معنا ويستصرخ الأمة من جديد قائلاً:
 
كم يستغيث بنا المستضعفون وهم       قتلى  وأسرى  فما  يهتز   إنسان
ماذا  التقاطع  في  الإسلام   بينكم       وأنتم   يا   عباد   الله    إخوان
ألا   نفوس   أبيات   لها  همم           أما  على  الخير  أنصار  وأعوان
 
ألوم الشعوب، فالبقاء لله….طالما هذه الأنظمة في الحكم سنظل هكذا نصرخ ونستجدي، بينما هم أوهن من بيوت العنكبوت ، فلا الحكام العرب الآن سيفعلون شيئا حقيقيا…….ولا علماء السلطان والموظفون المعممون سيتحركون….ليس أمامنا إلا أن نبتكر وسائل، للتحرك………للإحتجاج……..للمطالبة…للصراخ حتي……
 
 
فإني أري النصر علي أيدي رجال المقاومة البواسل، اللذين يصنعون من بسيط الأمور أسلحة في قلب المحتل، فهم رأس الحربة، الذين يرفعون عن الأمة الإحتلال، ويدفعون ضريبة الخزي والعار، فصبراً أيها الأسود فأنتم السادة….وأنتم القادة….بصمودكم الأسطوري البطولي.
 
أما نحن، فلو كنا ذباباً لأزعجنا الصهاينة…..فلا بعض العشرات هنا أو هناك تشفي غليلي، ولا بعض الهتافات علي السلالم سترفع الإحتلال، فقديما قال أبوتمام:
 
السيف أصدق إنباء من الكتب      في حده الحد بين الجد واللعب
 
 
إنني أتذكر قول الله تعالي ونريد ان نمن على الذين استضعفوا في الارض ونجعلهم ائمة ونجعلهم الوارثين
 
وهذا أضعف الايمان.

0 التعليقات:

إرسال تعليق